كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



وقوله: {بَدَّلْنَاهُمْ جُلُودًا غَيْرَهَا} يعني غيرها في النضج، لأَنَّ الله عز وجل يجددها فيكون أشد للعذاب عليهم. وهي تلك الجلود بعينها التي عصت الله تعالى ولكن أذهب عنها النضج، كما يقول الرجل للرجل: أنتَ اليومَ غيرُك أمْسِ وهو ذلك بعينه الا انه نقص منه شيء أو زاد فيه. وفي كتاب الله عز وجل: {وَلَوْ رُدُّواْ لَعَادُواْ لِمَا نُهُواْ عَنْهُ وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ} فيسأل السائل فيقول كيف كانوا كاذبين ولم يعودوا بعد. وانما يكونون كاذبين إِذا عادوا. وقد قلتم إنه لا يقال له كافر قبل ان يكفر اذا علم أنه كافر. وهذا يجوز أن يكون أَنَّهُم الكاذبون بعد اليوم كما يقول الرجل: أَنَا قائِمٌ وهو قاعد يريد إِني سأَقوم أو يقول: {إِنَّهم لَكَاذِبُونَ} يعني ما وافوا به القيامة من كذبهم وكفرهم لأن الذين دخلوا النار كانوا كاذبين كافرين.
وقوله: {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَّاضِرَةٌ (2) إِلى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ} يقول تنظر في رزقها وما يأتيها من الله كما يقول الرجل: ما أَنْظُرُ إِلاّ إِلَيك ولو كان نظر البصر كما يقول بعض الناس كان في الآية التي بعدها بيان ذلك. الا ترى انه قال: {وَوُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ باسِرةٌ (24) تَظُنُّ أَن يُفْعَلَ بِها فَاقِرَةٌ} ولم يقل: وُوُجُوهٌ لا تَنْظُر ولا تَرى وقوله: {تَظُنُّ أَن يُفْعَلَ بِهَا فَاقِرَةٌ} يدلّ الظن هاهنا على ان النظر ثم الثقة بالله وحسن اليقين ولا يدل على ماقالوا. وكيف يكون ذلك والله يقول: {لاَّ تُدْرِكُهُ الأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الأَبْصَارَ} وقوله: {وَمَا تَشَاءُونَ إِلاَّ أَن يَشَاءَ اللَّهُ} يعني ما تشاؤون من الخير شيئًا إِلاّ أَنْ يشاءَ اللهُ أَنْ تَشاؤوه.
وقوله: {إِذَا أَخْرَجَ يَدَهُ لَمْ يَكَدْ يَرَاهَا} حمل على المعنى وذلك انه لا يراها وذلك انك اذا قلت: كادَ يفعل إنما. تعني قارب الفعل ولم يفعل فإذا قلت لم يكد يفعل كان المعنى أنه لم يقارب الفعل ولم يفعل على صحة الكلام وهكذا معنى هذه الآية. إِلاّ أَنَّ اللُّغَةَ قد أَجازَتْ: لَمْ يَكَدْ يَفْعَلُ في معنى: فعل بعد شدة، وليس هذا صحة الكلام لأنه اذا قال: كاد يفعل فانما يعني: قارب الفعل. واذا قال: لم يكد يفعل يقول: لم يقارب الفعل إِلا أَنّ اللغة جاءت على ما فسرت لك وليس هو على صحة الكلمة.
{أَوَعَجِبْتُمْ أَن جَاءَكُمْ ذِكْرٌ مِّن رَّبِّكُمْ عَلَى رَجُلٍ مِّنْكُمْ لِيُنذِرَكُمْ وَلِتَتَّقُواْ وَلَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ}
وقال: {أَوَعَجِبْتُمْ أَن جَاءَكُمْ ذِكْرٌ مِّن رَّبِّكُمْ} كأنه قال: صنعوا كذا وكذا وعجبوا فقال صنعتم كذا وكذا أَوَعَجِبْتُمْ فهذه واو العطف دخلت عليها ألف الاستفهام.
{وَإِلَى عَادٍ أَخَاهُمْ هُودًا قَالَ يَاقَوْمِ اعْبُدُواْ اللَّهَ مَا لَكُمْ مِّنْ اله غَيْرُهُ أَفَلاَ تَتَّقُونَ}
وقال: {وَإِلَى عَادٍ أَخَاهُمْ هُودًا} {وَإِلَى ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحًا} [73] فكل هذا- والله أعلم- نصبه على الكلام الأول على قوله: {لَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ} [59] وكذلك {لُوطًا} [80]، وقال بعضهم: واذْكُرْ لُوطًا. وانما يجيء هذا النصب على هذين الوجهين، او يجيء على ان يكون الفعل قد عمل فيما قبله وقد سقط بعده فعل على شيء من سببه فيضمر له فعلا. فانما يكون على احد هذه الثلاثة وهو في القرآن كثير.
وقال: {خَلاَئِفَ الأَرْضِ} وقال: {خُلَفَاءَ} [69] وكل جائز وهو جماعة الخليفة.
{أَوَعَجِبْتُمْ أَن جَاءَكُمْ ذِكْرٌ مِّن رَّبِّكُمْ عَلَى رَجُلٍ مِّنكُمْ لِيُنذِرَكُمْ وَاذكُرُواْ إِذْ جَعَلَكُمْ خُلَفَاءَ مِن بَعْدِ قَوْمِ نُوحٍ وَزَادَكُمْ فِي الْخَلْقِ بَصْطَةً فَاذْكُرُواْ آلاءَ اللَّهِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ}
وقال: {وَزَادَكُمْ فِي الْخَلْقِ بَسْطَةً} أي: انْبِساطًا. وهو في موضع آخر {بَسْطَةً فِي الْعِلْمِ وَالْجِسْمِ} وهو مثل الأول.
{وَإِلَى ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحًا قَالَ يَاقَوْمِ اعْبُدُواْ اللَّهَ مَا لَكُمْ مِّنْ اله غَيْرُهُ قَدْ جَاءَتْكُمْ بَيِّنَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ هَاذِهِ نَاقَةُ اللَّهِ لَكُمْ آيَةً فَذَرُوهَا تَأْكُلْ فِي أَرْضِ اللَّهِ وَلاَ تَمَسُّوهَا بِسُوءٍ فَيَأْخُذَكُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ}
وقال: {فَذَرُوهَا تَأْكُلْ فِي أَرْضِ اللَّهِ} جزم اذا جعلتَهُ جوابا ورفع اذا أردت فَذَرُوها آكِلَةً وقال: {وَأْمُرْ قَوْمَكَ يَأْخُذُواْ بِأَحْسَنِهَا} وقال: {قُل لِّلَّذِينَ آمَنُواْ يَغْفِرُواْ لِلَّذِينَ} و{فَذَرْهُمْ يَخُوضُواْ وَيَلْعَبُواْ} فصار جوابًا في اللفظ وليس كذلك في المعنى.
{وَإِلَى مَدْيَنَ أَخَاهُمْ شُعَيْبًا قَالَ يَاقَوْمِ اعْبُدُواْ اللَّهَ مَا لَكُمْ مِّنْ اله غَيْرُهُ قَدْ جَاءَتْكُمْ بَيِّنَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ فَأَوْفُواْ الْكَيْلَ وَالْمِيزَانَ وَلاَ تَبْخَسُواْ النَّاسَ أَشْيَاءَهُمْ وَلاَ تُفْسِدُواْ فِي الأَرْضِ بَعْدَ إِصْلاَحِهَا ذالِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ مُّؤْمِنِينَ}
وقال: {فَأَوْفُواْ الْكَيْلَ وَالْمِيزَانَ}.
{وَلاَ تَقْعُدُواْ بِكُلِّ صِرَاطٍ تُوعِدُونَ وَتَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ مَنْ آمَنَ بِهِ وَتَبْغُونَهَا عِوَجًا وَاذْكُرُواْ إِذْ كُنْتُمْ قَلِيلًا فَكَثَّرَكُمْ وَانْظُرُواْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ}
ثم قال: {وَلاَ تَقْعُدُواْ بِكُلِّ صِرَاطٍ تُوعِدُونَ} تقول: هُمْ فِي البَصْرَةِ وبِالبَصْرَةِ وقَعَدْتُ لَهُ في الطَّريق وبِالطَّريق.
{الَّذِينَ كَذَّبُواْ شُعَيْبًا كَأَن لَّمْ يَغْنَوْاْ فِيهَا الَّذِينَ كَذَّبُواْ شُعَيْبًا كَانُواْ هُمُ الْخَاسِرِينَ}
وقال: {كَأَن لَّمْ يَغْنَوْاْ فِيهَا} وهي من غَنِيتَ تَغْنَى غِنَى.
{أَوَأَمِنَ أَهْلُ الْقُرَى أَن يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنَا ضُحًى وَهُمْ يَلْعَبُونَ}
وقال: {أَوَأَمِنَ أَهْلُ الْقُرَى} فهذه الواو للعطف دخلت عليها الف الاستفهام.
{أَوَلَمْ يَهْدِ لِلَّذِينَ يَرِثُونَ الأَرْضَ مِن بَعْدِ أَهْلِهَا أَن لَّوْ نَشَاءُ أَصَبْنَاهُمْ بِذُنُوبِهِمْ وَنَطْبَعُ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لاَ يَسْمَعُونَ}
وقال: {أَوَلَمْ يَهْدِ لِلَّذِينَ يَرِثُونَ الأَرْضَ مِن بَعْدِ أَهْلِهَا} يقول: أَوَلمِ يَتَبَيَّنْ لَهُم وقال بعهضم {نَهْدِ} بالنون أي: أولم نُبَيَّنْ لهم {أَن لَّوْ نَشَاءُ أَصَبْنَاهُمْ بِذُنُوبِهِمْ}.
{تِلْكَ الْقُرَى نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنبَائِهَا وَلَقَدْ جَاءَتْهُمْ رُسُلُهُم بِالْبَيِّنَاتِ فَمَا كَانُواْ لِيُؤْمِنُواْ بِمَا كَذَّبُواْ مِن قَبْلُ كَذَلِكَ يَطْبَعُ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِ الْكَافِرِينَ}
وقال: {نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنبَائِهَا} صيّر مِنْ زائدة واراد قصَصْنا كما تقول هل لكَ في ذا وتحذف حاجة.
وقال: {فَمَا كَانُواْ لِيُؤْمِنُواْ بِمَا كَذَّبُواْ مِن قَبْلُ} فقوله: {بما كذبو} والله أعلم يقول: بِتَكْذِيبِهِم جعل- والله أعلم- {مَا كَذَّبُوا} اسما للفعل والمعنى: لَمْ يَكُونُوا لِيُؤْمِنُوا بالتكذيب أي لا نسميهم بالايمان بالتكذيب.
{حَقِيقٌ عَلَى أَنْ لاَّ أَقُولَ عَلَى اللَّهِ إِلاَّ الْحَقَّ قَدْ جِئْتُكُمْ بِبَيِّنَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ فَأَرْسِلْ مَعِيَ بَنِي إِسْرَائِيلَ}
وقال: {حَقِيقٌ عَلَى أَنْ لاَّ أَقُولَ عَلَى اللَّهِ إِلاَّ الْحَقَّ} وقال بعضهم {عَلَى أَنْ لا أَقُولَ} والأُولى أحسنهما عندنا، أراد: واجبٌ علي أَنْ لا أقول. والأخرى: أَنَا حقيقٌ عَلَي أَنْ لا أقول على الله. ويريد: بِأَنْ لا أقولَ على الله. كما قال: {بِكُلِّ صِرَاطٍ تُوعِدُونَ} في معنى على كُلِّ صِراطٍ تُوعِدُون.
{قَالُواْ أَرْجِهْ وَأَخَاهُ وَأَرْسِلْ فِي الْمَدَائِنِ حَاشِرِينَ}
وقال: {أَرْجِهْ وَأَخَاهُ} وقال: {تُرْجِي مَن تَشَاءُ مِنْهُنَّ} لأنه من أَرْجأْتُ وقد قرئت {أَرْجِهِ وَأَخاه} خفيفة بغير همزة وبها نقرأ و{تُرْجِي مَن تَشَاءُ} وهي لغة تقول: أَرْجَيْتُ وبعض العرب تقول: أَخْطَيْتُ وتَوَضَّيْتُ لا يهمزون.
{وَمَا تَنقِمُ مِنَّا إِلاَّ أَنْ آمَنَّا بِآيَاتِ رَبِّنَا لَمَّا جَاءَتْنَا رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْرًا وَتَوَفَّنَا مُسْلِمِينَ}
وقال: {وَمَا تَنقِمُ مِنَّا} وقال بعضهم {وَمَا تَنْقَمُ مِنّا} وهما لغتان نَقَمَ يَنْقِمُ ونَقِم يَنْقَمُ وبها نقرأ. أي بالأولى.
{وَقَالُواْ مَهْمَا تَأْتِنَا بِهِ مِن آيَةٍ لِّتَسْحَرَنَا بِهَا فَمَا نَحْنُ لَكَ بِمُؤْمِنِينَ}
وقال: {وَقَالُواْ مَهْمَا تَأْتِنَا بِهِ مِن آيَةٍ} لأن {مَهْما} من حروف المجازاة وجوابها {فَمَا نَحْنُ}.
{فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمُ الطُّوفَانَ وَالْجَرَادَ وَالْقُمَّلَ وَالضَّفَادِعَ وَالدَّمَ آيَاتٍ مّفَصَّلاَتٍ فَاسْتَكْبَرُواْ وَكَانُواْ قَوْمًا مُّجْرِمِينَ}
وقال: {الطُّوفَانَ} فواحدتها في القياس الطُوفانَة. قال الشاعر: [من الرمل وهو الشاهد الثاني عشر بعد المائتين]:
غَيْرَ اَلجِدَّةَ مِنْ آياتِها ** خُرُقُ الرِّيحِ وَطُوفَانُ المَطَر

وهي من طافَ يَطُوفُ.
{وَأَوْرَثْنَا الْقَوْمَ الَّذِينَ كَانُواْ يُسْتَضْعَفُونَ مَشَارِقَ الأَرْضِ وَمَغَارِبَهَا الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ الْحُسْنَى عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ بِمَا صَبَرُواْ وَدَمَّرْنَا مَا كَانَ يَصْنَعُ فِرْعَوْنُ وَقَوْمُهُ وَمَا كَانُواْ يَعْرِشُونَ}
وقال: {وَمَا كَانُواْ يَعْرِشُونَ} و{يَعْرُشونَ} لغتان وكذلك {نَبْطِشُ} و{نَبْطُشُ} و{يَحْشُرُ} و{يحشِرُ}، و{يعكُفُ} و{يعكِفُ}، و{ينفُرُ} و{ينفِرُ}.
{وَلَمَّا جَاءَ مُوسَى لِمِيقَاتِنَا وَكَلَّمَهُ رَبُّهُ قَالَ رَبِّ أَرِنِي أَنظُرْ إِلَيْكَ قَالَ لَن تَرَانِي ولكنِ انْظُرْ إِلَى الْجَبَلِ فَإِنِ اسْتَقَرَّ مَكَانَهُ فَسَوْفَ تَرَانِي فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكًّا وَخَرَّ موسَى صَعِقًا فَلَمَّا أَفَاقَ قَالَ سُبْحَانَكَ تُبْتُ إِلَيْكَ وَأَنَاْ أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ}
وقال: {جَعَلَهُ دَكًّا} لأَنَّهُ حين قال: {جَعَلَه} كان كأنه قال دَكَّهُ ويقال: {دَكّاء} واذا أراد ذا فقد أُجْرِيَ مُجْرَى {وَسْئَلِ الْقَرْيَةَ} لأنه يقال: نَاقَةٌ دَكّاءُ اذا ذهب سنامها.
وقال: {فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ} يقول تَجَلّى أَمْرُهُ نحو ما يقول الناس: بَرَزَ فُلانٌ لفُلانٍ وإِنَّما برز جُنْدُه.
وأَمَّا قوله: {رَبِّ أَرِنِي أَنظُرْ إِلَيْكَ} فانما اراد علما لا يدرك مثله إِلاّ في الآخرة فأَعْلَمَ اللهُ موسى ان ذلك لا يكون في الدنيا. وقرأها بعضهم {دَكّاء} جعله فَعْلاء وهذا لا يشبه أن يكون. وهو في كلام العرب: ناقَةٌ دَكّاءُ أي: ليس لها سنام. والجبل مذكر الا أن يكون جَعَلَهُ مِثْلَ دَكّاءَ وحذف مِثْل.
{وَاتَّخَذَ قَوْمُ مُوسَى مِن بَعْدِهِ مِنْ حُلِيِّهِمْ عِجْلًا جَسَدًا لَّهُ خُوَارٌ أَلَمْ يَرَوْاْ أَنَّهُ لاَ يُكَلِّمُهُمْ وَلاَ يَهْدِيهِمْ سَبِيلًا اتَّخَذُوهُ وَكَانُواْ ظَالِمِينَ}
وقال: {مِنْ حُلِيِّهِمْ} وقال بعضهم {حِلِيِّهِم} و{حَلْيِهِم} {عِجْلًا جَسَدًا لَّهُ خُوَارٌ} وقال بعضهم {جُوْارٌ} وكلٌّ من لغات العرب.
وأمّا قوله: {مِنْ حُلِيِّهِمْ} بضم الحاء فانه فُعول وهي جماعة الحَلْيِ ومن قال: {حِلِيِّهِم} في اللغة الأخرى فلمكان الياء كما قالوا: قِسِيّ وعِصِيّ.
{وَلَمَّا سُقِطَ فِي أَيْدِيهِمْ وَرَأَوْاْ أَنَّهُمْ قَدْ ضَلُّواْ قَالُواْ لَئِن لَّمْ يَرْحَمْنَا رَبُّنَا وَيَغْفِرْ لَنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ}
وقال: {وَلَمَّا سُقِطَ فَي أَيْدِيهِمْ} وقال بعضهم {سَقَطَ} وكل جائز والعرب تقول: سُقِطَ في يديه و{أُسْقِطَ في أيْدِيهِم}.
{وَلَمَّا رَجَعَ مُوسَى إِلَى قَوْمِهِ غَضْبَانَ أَسِفًا قَالَ بِئْسَمَا خَلَفْتُمُونِي مِن بَعْدِي أَعَجِلْتُمْ أَمْرَ رَبِّكُمْ وَأَلْقَى الأَلْوَاحَ وَأَخَذَ بِرَأْسِ أَخِيهِ يَجُرُّهُ إِلَيْهِ قَالَ ابْنَ أُمَّ إِنَّ الْقَوْمَ اسْتَضْعَفُونِي وَكَادُواْ يَقْتُلُونَنِي فَلاَ تُشْمِتْ بِيَ الأَعْدَاءَ وَلاَ تَجْعَلْنِي مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ}
وقال: {ابْنَ أُمَّ إِنَّ الْقَوْمَ}. وذلك- والله أعلم- أنه جعله اسما واحدا مثل قولهم ابْنَ عَمِّ أَقْبِلْ وهذا لا يقاس عليه. وقال بعضهم {يا ابنَ أُمي لا تَأْخُذ} وهو القياس ولكن الكتاب ليست فيه ياء فلذلك كره هذا. وقال الشاعر: [من الخفيف وهو الشاهد الثالث عشر بعد المائتين]:
يَا ابْنَ أُميّ وَلَوْ شَهِدْتُكَ إِذْ تَدْ ** عَو تَمِيمًا وَأَنْتَ غَيْرَ مُجابِ

وقال بعضهم {يا ابْنَ أُمِّ}، فجعله على لغة الذين يقولون هذا غلام قد جاء أو جعله اسما واحدا آخره مكسور مثل خازِبازِ.
وقال: {وَكَادُواْ يَقْتُلُونَنِي} فثبتت فيه نونان واحدة للفعل والأخرى للاسم المضمر وانما ثبتت في الفعل لأنه رفع، ورفع الفعل اذا كان للجميع والاثنين بثبات النون الا ان نون الجميع مفتوحة ونون الاثنين مكسورة وقد قال: {أَتَعِدَانِنِي أَنْ أُخْرَجَ} وقد يجوز في هذا الادغام والاخفاء.
{وَلَماَّ سَكَتَ عَن مُّوسَى الْغَضَبُ أَخَذَ الأَلْوَاحَ وَفِي نُسْخَتِهَا هُدًى وَرَحْمَةٌ لِّلَّذِينَ هُمْ لِرَبِّهِمْ يَرْهَبُونَ}
وقال: {وَلَماَّ سَكَتَ عَن مُّوسَى الْغَضَبُ} وقال بعضهم {سَكَنَ} إِلاّ أَنَّها ليست على الكتاب فتقرأ {سَكَتَ} وكلٌّ من كلام العرب.
وقال: {لِّلَّذِينَ هُمْ لِرَبِّهِمْ يَرْهَبُونَ} كما قال: {إِن كُنتُمْ لِلرُّؤْيَا تَعْبُرُونَ} أوصل الفعل باللام. وقال بعضهم {مِنْ أَجْلِ رَبِّهِم يَرْهَبُون}.
{وَاخْتَارَ مُوسَى قَوْمَهُ سَبْعِينَ رَجُلًا لِّمِيقَاتِنَا فَلَمَّا أَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ قَالَ رَبِّ لَوْ شِئْتَ أَهْلَكْتَهُمْ مِّن قَبْلُ وَإِيَّايَ أَتُهْلِكُنَا بِمَا فَعَلَ السُّفَهَاءُ مِنَّا إِنْ هِيَ إِلاَّ فِتْنَتُكَ تُضِلُّ بِهَا مَن تَشَاءُ وَتَهْدِي مَن تَشَاءُ أَنتَ وَلِيُّنَا فَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا وَأَنتَ خَيْرُ الْغَافِرِينَ}